أولاً: مقدمة عن طب الأسنان:
بدخولك ـــ عزيزي الطالب ـــ إلى عالم طب الأسنان؛ ستدخل عالماً حيوياً متجدداً باستمرار، فهنالك دائماً الجديد لتتعلمه وتتقنه، بعيداً عن دوامة الروتين والملل، ولتشكل من خلال ممارستك للمهنة شبكة علاقات واسعة مع العديد من الشخصيات المختلفة.
حيث يعتبر طبيب الأسنان الشخص المسؤول عن إعادة رسم الابتسامة الصحيّة، مع ضمان سلامة الفم بكافة مكوناته، ويتحقق ذلك باجتماع ذوق فني مرهف، مع علم مدروس وموثّق، لتمتلك في هذا الفرع ناصية أمرين (العلم والفن).
ثانياً: بعض الصفات المفضل توافرها في طالب طب الأسنان:
بشكلٍ عام، إن طب الأسنان كـ “مهنة” سهل التعلم، يحتاج للتدريب وتطوير المهارات، ولكنه ـــ كما ذكرنا ـــ فهو في أساسه مبني على علم كامل ومتطور جداً، يفرِض على ممارسه أن يَلمَّ به ويواكب أحدث تقنياته.
ومن الأمور الهامة التي يُفضل أن يتحلى به الممارس:
الدقة والصبر:
فقد يتعامل المهندس مع عشرات الأمتار والأطنان، وقد يتعامل النجار أو الخياط مع الأمتار أو أجزائها، أما في طب الأسنان فنحن نتعامل مع الميلي ميترات وأجزائها للأطوال، ومع العديد من درجات الأبيض في الألوان، ومع الثواني لا أكثر لتقدير بعض الأوقات.
ولذلك، فإن الدقة المقترنة بالصبر والهدوء أمر مطلوب جداً في مجالنا.
المهارة اليدوية:
ومع أنها أمر ستكتسبه خلال سنين دراستك في الكلية، إلا أن امتلاكك لبعض المهارات اليدوية (كالرسم والنحت) لا بدّ أنه سيساعدك على التميز في هذا المجال.
الذكاء الاجتماعي:
ونقصد بذلك القدرة على تعاملك مع الناس حولك ممن تعرف ولا تعرف بكفاءة وإخلاص وبشاشة وود وصدق على الدوام، بما يبعث في نفوس المراجعين الراحة والاطمئنان. فمن المعروف أن عيادة طبيب الأسنان ليست المكان المفضل لدى كثير من الناس، الأمر الذي قد يدفعهم لتجنبها وتجنبك أحياناً.
الحس الجمالي:
وهو أمر هام لتزايد اهتمام الناس بالناحية الجمالية يوماً بعد يوم.
ثالثاً: إيجابيات طب الأسنان:
بدايةً؛ تعتبر مهنة طب الأسنان مهنة انسانية هدفها تخفيف الألم عن المرضى وتحسين الحالة النفسية لهم، فلا يخفَ على أحد دور طبيب الأسنان في مساعدة المرضى للتخلص من الألم والحصول على حالة وظيفية مناسبة أو حالة جمالية مرغوبة تساعد المريض على متابعة مهامه اليومية بثقة وراحة نفسية أكبر.
مدة الدراسة في طب الأسنان هي خمس سنوات يستطيع بعدها الطالب ممارسة المهنة مباشرة أو الاستمرار في الدراسات العليا، وبالتالي للطالب حرية الاختيار بين الأمرين.
بتخرج طبيب الأسنان فإنه حتماً سيكون قد امتلك ــ إضافة للشهادة الجامعية وحق ممارسة المهنة ـــ خبرة لا بأس بها بسبب تعامله الكبير مع المرضى خلال سنوات الدراسة (تقريباً من السنة الثانية في مادة التشخيص الشعاعي).
سهولة الدراسة في كلية طب الأسنان إلى حد ما، وذلك بسبب الاعتماد الكبير على القسم العملي (معظم المواد تقسم لقسمين عملي ونظري وتكون درجة كل منهما 50).
مكانة اجتماعية مرموقة ومردود مادي جيد.
رابعاً:ً سلبيات دراسة طب الأسنان:
التكلفة المادية المرتفعة:
إن أبرز السلبيات هي تكلفة الدراسة فالطالب خلال الفصل الدراسي في دوامة مستمرة من شراء المواد التي سيحتاجها في جلسات العملي، و لكن بعض الأقسام في الكلية توفر بعض المواد للطلاب مجاناً، بالاضافة إلى تكلفة تجهيز العيادة.
الأخطار الصحية:
وهي من “أخطر” ما قد يواجه العاملين في القطاع الطبي والمرضى، فالعقامة أمر مهم جداً خلال سنوات دراستك أو مابعد التخرج. إضافة لذلك؛ فإننا كأطباء أسنان نحاول أن نعمل ضمن مجال رؤية محدود جداً مما يسبب إجهاداً كبيراً للعينين، الإنحناء لفترات طويلة ووضعيات الجلوس غير الصحيحة تسبب آلام ومشاكل في الفقرات والمفاصل على المدى البعيد.
المسؤولية العالية:
كطبيب أسنان تعتبر مسؤولاً عن صحة المريض عند التشخيص الصحيح، التخدير، وصف الأدوية، والإجراءات الجراحية وغير الجراحية أيضاً!.
التعب والإجهاد:
بسبب الضغط الكبير الذي تتعرض له خلال العام لإنجاز الأعمال المطلوبة في الوقت المحدد مع الدوام الطويل والدراسة، وأكثر من يعانون من الإجهاد هم طلاب السنتين الرابعة والخامسة.
خامساً: نمط الدراسة في الكلية:
إن عدد سنوات الدراسة هي خمس سنوات قبل التخرج، وثلاث سنوات ــ وسطياً ــ للدراسات العليا.
سنوات الدراسة الخمس:
إن الطريقة التعليمية المتبعة في أغلب المواد هي تعليم المفاهيم النظرية في المدرجات ومن ثم التطبيق العملي في المخابر والعيادات، مما يعطي أهمية كبيرة للحضور النظري لضمان الفهم التام للمواد بعيداً عن البصم الأعمى، وبشكل عام يمكن تقسيم الدراسة في المرحلة الجامعية الأولى إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى:
وتتضمن السنة الأولى، وهي قاعدتك الراسخة في عالم طب الأسنان باحتوائها على مادتين أساسيتين سترافقانك طيلة مسيرتك العلمية وهما؛ “تشريح الرأس والعنق” وتتناول هذه المادة تشريحاً لرأس الانسان والعنق ابتداءً من العظام مروراً بالعضلات والأوعية وانتهاءً بمكونات الجملة العصبية المركزية، وهي مادة جوهرية في طب الأسنان وفي حال إتقانها ستكون معين للطالب في العديد من المقررات في السنين القادمة.
أما المادة الثانية فهي “تشريح الأسنان” التي تتناول تشريح لمكونات الحفرة الفموية وعلى وجه الخصوص الأسنان.
إضافةً إلى ما سبق تتضمن الدراسة في السنة الأولى بعض المواد الطبية الأخرى المشتركة مع باقي الكليات الطبية والتي تفيدك في بناء ثقافتك الطبية العامة (الكيمياء الطبية، علم المناعة، الأحياء الدقيقة، وعلم الخلية) بالإضافة لمادة (الإحصاء والوبائيات) وهي ألف باء البحث العلمي المنهجي التي ستكون مادة لا غنى عنها في تقديم رسالة الماجستير والدراسات العُليا.
المرحلة الثانية:
تتضمن السنتين الثانية والثالثة، ننتقل فيهما إلى الممارسة العملية المخبرية (أي على الأمثلة الصناعية) حيث لابد لك من إتقان العمل عليها لتتمكن من العمل مع المرضى.
بالإضافة إلى بدء التعامل النسبي مع المرضى من خلال مادتي التشخيص الشعاعي والصحة العامة وطب الفم الوقائي.
المرحلة الثالثة:
تتضمن السنتين الرابعة والخامسة حيث تنتقل فيهما لـ “العمل السريري” ونقصد به العمل على المرضى بشكل مباشر في عيادات كلية طب الأسنان، وذلك بعد امتلاك المهارات اللازمة من خلال المراحل السابقة.
أي أنك ستطبق ما تعلمته خلال السنين الثلاث الأولى على المرضى وليس كما هو شائع أنك ستتدرب على المرضى.
وبهذه التسلسل التعليمي سيتخرج الطالب وقد امتلك القدرة الكافية والخبرة الجيدة لبدء الممارسة السريرية مباشرة (افتتاح عيادة خاصة)، ولعلّ هذا من أهم ما يميز طب الأسنان عن باقي الأفرع الدراسية.
الدراسات العليا:
ثلاث سنوات تقريباً، يختار الطالب حسب مفاضلة الماجستير Master (في الجامعات السورية) أحد التخصصات ليتابع دراسته فيه، وتكون المفاضلة بحسب مجموع معدل السنوات الخمسة مع الامتحان الوطني الذي يجرى في نهاية السنة الأخيرة كتقييم شامل لكافة سنوات الدراسة.
ويتوفر في كلية طب الأسنان جامعة دمشق عشرة اختصاصات وهي:
تقويم الأسنان، زراعة الأسنان، جراحة الوجه والفكين، التعويضات الثابتة (تيجان وجسور)، التعويضات المتحركة، طب أسنان الأطفال، الصحة العامة وطب الفم الوقائي، النسج والتشريح المرضي، مداواة الأسنان، وعلم النسج حول السنية.
وبالنسبة لمتابعة الدراسة خارج البلاد، فإن أشهر الدول في طب الأسنان هي الولايات المتحدة الأمريكية ثم ألمانيا، ولكن يبقى الأمر في هذا متروكاً لسعيك في اقتناص الفرص.
سادساً: مابعد التخرج… الحياة المهنية لطبيب الأسنان:
إذا تكملنا عن نمط الحياة، فإن طبيب الأسنان غالباً هو من يحدد ساعات دوامه في عيادته، أي أنه لا يتبع لدوام مشافٍ أو شركات.
قبل الحديث عن المردود المادي نذكركم أن مهنتنا كأطباء أسنان تتطلب ضميراً حياً وعملاً متقناً فأبق إنسانيتك يقظة دائماً ولا تنزلق إلى ارتكاب جرائم سنية أو طبية من أجل المردود المادي، عالج كل مرضاك وكأنهم أفراد من عائلتك، ولا تنسَ دورك في التأثير الإيجابي عليهم لتغيير عاداتهم الصحية السيئة فأطباء الأسنان هم الأكثر زيارة من قبل المرضى.
أخيراً…
عزيزي الطالب، لاتقف عند هذه المقالة، ابحث واقرأ عن الاختصاصات الأخرى المتاحة أمامك، واختر دراستك ومهنتك المستقبلية بحسب رغبتك وميولك، بعيداً عن التقيد بالمعدل الذي حصلت عليه في الشهادة الثانوية.